صدور الجزء الثالث من كتاب قراءة جمالية في التطور في الفنون للدكتور صفا لطفي

طباعة ورفع: وسام ناجي المعموري

عدد الزيارات: 938

بواسطة قسم الاعلام والعلاقات العامة


كتابة وتحرير - قسم الاعلام, رئاسة جامعة بابل

تاريخ النشر: 19/09/2016

اخر تصفح: 2024/03/28



كتاب ((قراءة جمالية في التطور في الفنون / الجزء الثالث)) لمؤلفته الأستاذ الدكتورة صفا لطفي،نقرأ فيه الفنون وتاريخها قراءة جمالية وتاريخية من خلال تتبع التطور الحاصل فيها،وتتحدث المؤلفة في الجزء الثالث من هذه السلسلة قائلة : إن مانعنيه بكلمة (حديث) فيما يتعلق بالفن لا ينطبق على مدلول هذه الصفة كما تعرفها القواميس،وإنما يمتد تارة فيشمل أعمالا ترجع إلى أقدم العصور،كما يضيق تارة أخرى فيستبعد أعمال بعض الفنانين المعاصرين الذين يرسمون لوحات كان يمكن أن يعجب بها أجدادهم من عشرات السنين.ويمكن القول : انه قبل ستين عقدا ، لم يكن من يتذوق أعمال سيزان أو فان كوخ أو غوغان أو سيرا أولئك الذين يعدون بلا نزاع عمالقة الفن الحديث ، فالشائع في ميدان الفن أن يقابل الجديد في أول الأمر بالاستغراب والنفور ، ثم يمضي جيل ويأتي جيل آخر فيأخذ في تقبل هذا الجديد واستحسانه.والآن فان الفنان الحديث ينظر إلى العالم كما لو كان شيئا لم ير من قبل ، وكأنه هو أول من وقعت عيناه على معالم الكون . فهو ينظر إلى هذه الشجرة أو هذا الوجه أو ذلك المشهد الطبيعي ، ويمعن النظر ، وكأنه يتأمله لأول وهلة ، وذلك ليحس بوقعه الحقيقي في نفسه ،دون تأثر بمعارفه السابقة أو بما رآه من قبل من صور فنية أو فوتوغرافية.وهذا النوع من (الرؤية) بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، هو الذي يميز الفنان الحديث عن الفنان التقليدي أو الأكاديمي .وليس جميع الفنانين المعاصرين حديثين ، فالكثير منهم يقلدون أنماطا وطرزا فنية قديمة ,دون أن يكون فيها أي حداثة.في حين نرى بعض الفنانين المحدثين يتناولون الأنماط القديمة،فيصوغونها صياغة جديدة،وفقا لأسلوب العصر ، أو لما تمليه عليهم مشاعرهم الفردية . وهو ما حدث مع ماتيس،حين استوحى من الفن الشرقي والإسلامي الشيء الكثير .ثم لوحة (ذات الرداء الأبيض) لبيكاسو والتي يقلد فيها الأسلوب الإغريقي القديم ، ولكن يستحيل علينا أن نخلط بين هذه اللوحة والأعمال الفنية الإغريقية القديمة ، بالرغم مما بينهما من تشابه ، وذلك لأن بيكاسو قد وسم اللوحة بطابعه الفني الخاص في كل خط منها وفي كل لمسة من لمسات فرشاته .

ويمكن القول ، على وجه الإجمال ، أن الفنان الحديث ينظر إلى العالم الباطني ــ عالم النفس أو المشاعر ــ كما ينظر على هذا العالم ، بل كما لو كان كذلك أول من صاغ هذه المشاعر والأحاسيس في قالب فني ، فإذا رسم طائرا مثلا ، لم يحاول أن يجعله يبدو كما رآه في الرسوم الفنية الأخرى أو في الصور الفوتوغرافية ، إذ ربما شعر في أطواء نفسه ، وهو ينظر إلى الطائر ، هذه النظرة الجديدة ، انه ليس مجرد كائن ذي ريش وجناحين ، وإنما هو تعبير شكلي يؤدي معنى التحليق أو الحرية مثلا .وليس معنى ذلك أن جميع الفنانين الحديثين يرسمون لوحات (غير معقولة) فهناك لوحات قريبة أشد القرب من الواقع ، وان كانت تخرج دائما عن مجرد المحاكاة.وقد كان (سيزان) الذي يلقب حامل لواء الفن الحديث ــ يرى الطبيعة في صورة أشكال مخروطية واسطوانية وكروية ، ومع ذلك لا تبدو لوحاته عجيبة ولا غريبة .كل ما في الأمر أن نظرته الخاصة الجديدة قد أضفت على لوحاته قوة في البنيان ، وأبرزت ما في الأشياء من تماسك وصلابة.نحن الآن إزاء وضع تمهيد تاريخي لظهور الفن الحديث ، ففي القرن السابع عشر،أخذ الفرد يتخذ كيانه كمحور للأشياء وتركز البحث حول الإنسان .... نظريات القانون تقر حقه وترسي حرياته ، وأفكار الفلاسفة تتجه إليه والكشوف العلمية تمضي من أجل تحقيق عالم أفضل لسكن الإنسان.كان الاعتقاد السائد في هذا العصر ،أن الأرض هي مركز الكون ،وصاحب ذلك اعتقاد ،أن الإنسان هو محور الأرض ،فأتجه نظره إلى البحث عما حوله .ودار البحث حول الضوء ، واكتشف المنظار الفلكي والميكروسكوب ، وأعقب بحوث غاليلو ما أحرزه نيوتن من نجاح عظيم في بحث مشكلة طبيعة الكون ، وظهور كتابه (المبادئ للفلسفة الطبيعية) ثم كتابه (البصريات) ومباحثه حول ظاهرة الألوان وإعادة تركيبها .ازدهر علم الحياة في هذا العصر إلى جانب علم الفلك والطبيعة ، فالإنسان الذي دأب على التأمل حوله واكتشاف خارجه بدأ أيضا يعكف على داخله ، فظهرت أبحاث وليم هارفي في وظائف الأعضاء وحركة القلب ودورة الدم.وفي حدود الفن ، فكما كان الفرد هو محور الفلسفة والعلم ، كان أيضا محور الفن ، ومن هنا كان العصر ، عصر الصورة الشخصية في تعبيراتها المختلفة التي تمثل سياحة الفنان في العوالم الخارجية والداخلية للإنسان .

نجد ذلك في لوحات فان دايك وفرانز هالز ، ثم نتعمق بالرؤيا الخارجية عند رامبرانت ، كذلك تميز هذا العصر ببحثه الدائب عن الضوء والظل ، وبعودة الفنان إلى الواقع وسياحاته في مجالات الطبيعة وبحثه عن التناسق المعبر وتنظيم الفضاء وتوازن حجوم الأشياء وانجذابها وارتباطها ، وهذه جميعا من مشكلات العصر العلمية التي انعكست على فنونه ، فقدمت حلولا مختلفة للضوء واللون والزمن والفضاء من خلال العمل الفني .وأخذت الكيمياء التشكيلية في هذا العصر العلمي تمزج الألوان مزجا جديدا وتخرج ببلاغة لونية خاصة ، نراها عند روبنز ورامبرانت ، بمعدلات مختلفة القيم .وإذا كان القرن السابع عشر قد تميز بأنه عصر الباروك،فان القرن الذي تلاه عرف في عالم الفن بعصر الركوكو ، ذلك الطراز الذي يعد امتدادا للباروك بعد أن فقد عنفوانه الجارف وتحول إلى ضرب من المقاييس الجمالية المتسمة بالأناقة والرقة.والطابع الذي ساد فن هذا العصر يشير إلى انه فن دنيوي ، غاب عنه إدراك المقدس والتحليق فيما وراء الطبيعة ، حتى الأساطير القديمة ، وان بدت في آثار التصوير والنحت،قد اتخذت ثوبا دنيويا مسرحيا .

وخير مثال على ذلك : أعمال الرسام جاك لوي دافيد ، ويمكن تلمس التطور في فن الركوكو في تحرر ذلك الفن على يد دافيد من الزخرف ، وحمله الفنانين في عصره على تبين الجمال في حبكة الخطوط المستقيمة.ثم تأتي بعد ذلك الكلاسيكية الجديدة ، وهي العودة إلى الأساليب القديمة (الفن الكلاسيكي القديم) ويتزعمها دافيد . ومن خلال إبداعه لوحة (قسم الأخوة هوراس) التي تتسم بصرامة الخطوط ورصانتها واستقامتها .ثم الحركة الرومانسية و خير ما يمثلها هو : ديلاكروا في روائعه : (قارب دانتي ــ مذبحة ساقز وغيرها من اللوحات ).بعد ذلك يأتي تسجيل الواقع من خلال : الواقعية التي حمل لوائها غوستاف كوربيه والذي رسم العديد من اللوحات الواقعية ومنها:(لوحة مرسم الرسام ) وغيرها من اللوحات.وكانت الواقعية هي الشرارة الأولى لانطلاق مدرسة مهمة في الفن الحديث تلك هي الانطباعية،ثم ستظهر مدارس فنية حديثة بعد المدرسة الانطباعية كما سيظهر خلال مسيرة هذا الكتاب.ومن الله التوفيق.ثم أنت تقرأ في هذا الكتاب : الوحدة الأولى طراز الباروك (القرن السابع عشر) .طراز الروكوكو (القرن الثامن عشر) . اما الوحدة الثانية تتضمن الكلاسيكية الجديدة (العائدة)،الرومانسية،جماعة الباربيزون ( الخروج إلى الطبيعة) . الوحدة الثالثة ، الواقعية ، الحركة الانطباعية (التأثرية) التعبيرية،الوحدة الرابعة،الحركة الوحشية،الحركة التكعيبة ، الحركة المستقبلية،الحركة السريالية ، الحركة الدادائية،التجريدية.
المؤلفة في سطور
الاستاذ الدكتورة صفا لطفي. باحثة وكاتبة عراقية. أستاذة في كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل في العراق. لديها مؤلفات ودراسات عديدة.

بقلم/عماد الزاملي

اعلام جامعة بابل  

تاكات المحتوى: صدور الجزء الثالث من كتاب قراءة جمالية في التطور في الفنون للدكتور صفا لطفي
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: h@uobabylon.edu.iq

جميع الحقوق محفوظة - شعبة موقع الجامعة © جامعة بابل