(تحبيك الهويات الثقافية في الرواية العراقية) أطروحة دكتوراه لباحثة من جامعة بابل

طباعة ورفع: وسام ناجي المعموري

عدد الزيارات: 1819

بواسطة قسم الاعلام والعلاقات العامة


كتابة وتحرير - قسم الاعلام, رئاسة جامعة بابل

تاريخ النشر: 23/06/2014

اخر تصفح: 2024/04/20




(تحبيك الهويات الثقافية في الرواية العراقية)

أطروحة دكتوراه لباحثة من جامعة بابل



نوقشت في جامعة بابل اطروحة الدكتوراه الموسومة(تحبيك الهويات الثقافية في الرواية العراقية) تقدمت بها الباحثة هدى حسين زوير إلى مجلس كلية التربية للعلوم الانسانية وهي من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في اللغة العربية/ الأدب بإشراف علي ابراهيم محمد.واكدت الباحثة ان الهوية العراقية تشكل تقاطبا ضديا مع هويات أخرى كثيرة في الروايات، لاسيما حين يأتي الآخر إلى العراق سائحا أو محتلا، أو حين يقطن بطلـ/ـة الرواية في الخارج، حيث تدور أحداث الرواية وان مشكّلة (أدب الاغتراب) وهو أدب يفيض بمراجعة الذات لكشف موقع الفرد في وطنه ومنفاه كما يلحظ أن الآخر العربي لم يشكل ظاهرة صدامية سردية تُبرز هويات مختلفة للمتواجهين إلا نادرا؛ لأن الثقافة العراقية مشابهة إلى حد بعيد للثقافات العربية المجاورة لها أما حين تدور الأحداث في دول أجنبية، وتحديدا غربية، فيتضح الصراع الهووي، ومن ثم تبرز أمامنا هويتان متمايزتان لثقافتين مختلفتين (جذورا وحاضرا)، وكثيرا ما يحل الصراع بديلا للاختلاف في مثل هذه الحالة، فنشهد ما اصطلح عليه طرابيشي بـ (الغزوة المتروبولية)، أي "التسليم بأن العلاقات بين الأمم والحضارات كالعلاقة واقعا بين الرجل والمرأة علاقة قوة وتحكم وسيطرة، ومن ثم استسلام ورضوخ، ومعاناة بحيث تصبح المنافقة تجمعهم كما ان الهوية العراقية قد تمتزج مع الهوية الأخرى المكتسبة بفعل التجنس، لتنتجا هوية مزدوجة .... فكيف نظرت الذات العراقية إلى هويتها الخاصة، وكيف نظر الآخر إليها؟ وهل اختلفت الرؤية حين يركز الرائي على شخصيات أو أحداث أو أماكن معاصرة، عنه حينما يمد رؤياه إلى جذور الحضارات القديمة التي استوطنت بلاد النهرين؟ لاسيما ان مسألة الهوية الثقافية تثار اليوم "في اشكالية يجري عرضها عمدا في نطاق التوتر بين الحداثة والتراث، وهو شكل عام لتعارض الغرب والشرق؛ فالهوية الثقافية تتحدد مؤقتا بأنها ما تضعه صدمة الحداثة على المحك".



واضافت:لقد آثرنا تقسيم الفصل على ثلاثة مباحث، تناول الأول منها الهوية العراقية مبأرة من شخصية سردية عراقية، بينما اختص الثاني بالهوية المزدوجة، وعالج المبحث الثالث الهوية العراقية من وجهة نظر غير عراقية، مع اختلاف منظور الرؤية: معادٍ، ومبهور حيث "اتسمت مسألة (الآخرية) وأسئلة الهوية والاختلاف، في الفكر العربي الحديث، بطابع التوتر الذي يتجلى أحيانا في التمزق بين ماضي الذات وحاضر الآخر، وهو التمزق الذي يعكس وضعية سيكولوجية وصفها بعض الباحثين بأنها (مأساوية انفصامية)، حيث الذات تشعر بتمزقها بين الحاضر الذي يبرز فيه الآخر الغربي بصورته المزدوجة كمتحضر ومستعمر، وبين الماضي الذي يقبع هناك في زمن مضى وانقضى، وكثيرا ما انعكس هذا التوتر على مواقف الشخصيات وجعلها تحبك هوية الآخر من موقع عدائي كما إن تمثيل الذات والآخر، أو تحبيك هوية لهما لا يكون "من باب الوصف الموضوعي المحايد.. فهي خطاب تمثيلي ينطوي على رغبات وتصورات وافتراضات وأحكام قيمية مسبقة، وهي ساحة يمتزج فيها الخيالي والعجائبي والرغبوي بالحقيقي والوقائعي لذا فهي لا تعكس واقعا أو حقائق بقدر ما تنم عن موقف صاحب الخطاب وأهدافه ومنطلقاته.



وتابعت الباحثة حديثها بالقول: ان العراق بلد متنوع الأعراق والأديان، منفتح على الآخر، بهجرات، تتزايد بمرور الزمن، للعمل أو الدراسة أو السياسة، كما كان في ماضيه مستقطبا لأقوام مختلفة، مما أدى الى حالة من التنوع الثقافي فيه، وهذا خلق حالة من التساؤل الثقافي: من أنا؟ ومن نحن؟ هل نحن عراقيون؟ عرب؟ كرد؟ مسلمون؟ شرق أوسطيون؟ .. إلخ، وهذا التساؤل ليس مقتصرا على العراق، بل هو تساؤل عام بدأ يظهر منذ الربع الاخير من القرن الماضي، وتعزز بعد عام 2003، وقد تعددت الإجابات، وكان أحد أسباب تعدد الإجابة هو أن رؤية الذات لا تكون إلا بمحضر الآخر، فإذا كان الآخر هو الغربي، فتكون الإجابة: نحن شرقيون، وإذا كان الآخر هو العربي، فتكون الإجابة، نحن أكراد، أو آشوريون، أو أرمن مثلا، وبإزاء الآخر المسيحي، تتعرف الذات بهويتها الدينية، إسلامية، يهودية، آيزيدية.. إلخ



ومن هنا انطلقت إطروحتنا لبحث تمظهرات الهويات الثقافية في الرواية العراقية وكيفية تحبيكها، ودراسة كيفية نظر روائيينا إلى هويتهم الذاتية وهوية الآخر، الذي يشاركهم الوطن، والذي يختلف معهم فيه، وهل تأثر تحبيك الهويات بالمتداول والشائع الشعبي، أم أن الرواية حاولت اجتراح تحبيك جديد يثور على السائد، ويقدم رؤية مغايرة؟ وانطلاقا من مجموعة مختارة من الروايات سنحاول استنباط الصور والتخيلات التي تحكم تفكير كاتب الرواية العراقية حول الجماعة التي ينتمي إليها أو يتعايش معها متوخين الإجابة على عدد من الأسئلة المتعلقة بالأفكار المسبقة لدى الروائيين التي قد تؤدي إلى التقوقع على الذات والعداء للآخر، أو الانفتاح عليه، وهل لهذه التخيلات جذور في الواقع؟ وهل للذات والآخر سمات سرمدية لا تتغيّر؟ هل رسمت الذات بشكل مكبل بالتبرير والدفاع عن النفس؟ أم كان الهمّ المحرك هو البحث عن الذات وتأكيدها عبر بناء صورة لها متفاعلة مع الآخر؟ فلا توجد ثقافة تخلو من تمثيل للذات والآخر، فالتمثيل هو ما يعطي للجماعة صورة عن نفسها، وعن الآخر، ويخلق لها هوية متخيلة، فحاولت معرفة كيفية تمثيل الهويات في الرواية العراقي، والتمثيل يخضع لأنساق لاواعية تحكم سلوك الإنسان وموقفه من الآخرين، أكثر مما يحكمه الوعي النقدي كما إن فكرة الأطروحة تقوم على محاولة كشف كيفية عمل الصياغات اللغوية، و(التحبيكات)، أي ربط الأحداث بحيث تكون سببا ونتيجة، وآليات السرد وتقنياته، في اختلاق الهويات المختلفة، وكيفية اشتغال السرد على التأريخ والمعتقدات، وليس من عملنا البحث عن الحقائق، الهوية، وحتى أفكار الكاتب هي بطريقة أو بأخرى تمثله بقدر ما تمثل آراء الجماعة التي ينتمي إليها، وقد تمثل آراء جمعية لمنطقته أو زمنه أو تأريخه، شاء أم أبى، ومن ثم فإن أي كتابة تحمل هوية ثقافية وانتماء، بيد أننا ركزنا على الهويات الكبرى الواضحة في الرواية، أملا بباحثين آخرين إكمال أي تقصير أو نقص في هذا العمل وقد كانت انطلاقتنا من الرواية، لبحث الهويات الممثلة فيها ودراستها، ولم ننطلق من الواقع؛ لأن هناك هويات لم نجد لها تمظهرا في الرواية، مثل الشبكية والتركمانية، وهناك هويات أخرى بحاجة إلى أطروحة كاملة لتلم بها وقد عالجت الرواية العراقية موضوعة الهوية من جوانب عدة: السياسي، والديني والثقافي والحضاري، ونتناول في الفصول القادمة هذه الجوانب، عدا الجانب الأول فهو بحاجة إلى رسالة مستقلة، فتناول الفصل الأول: الهويات الدينية وتوزعت مباحثه على أبرز التمثيلات الهووية في الرواية، وهي: الإسلامية، واليهودية والصابئية، والإيزيدية في حين اختص الفصل الثاني، بالهويات العرقية، باحثا في الهوية العربية والكردية، والتنويعات القومية للهوية المسيحية، من كلدانية، وآشورية، وسريانية، وأرمنية، بينما كان للفصل الثالث أن يدرس الهوية الحضارية للعراقي مقابل الآخر، بتنويعاته المختلفة، فبحث في نظرة الذات العراقية لذاتها، وللآخر، ونظرة الآخر لها، ويمكن تحليل النص الروائي، على وفق مستويات سردية عدة، منها الموضوعي، والأيديولوجي والأسلوبي، وغيرها، وتعالج هذه الدراسة الجانب الموضوعي مع محاولة إضاءة شيء من كل مظهر بحسب ما يقتضيه العنوان والسياق وبقدر ما يخدم هدف الكتابة، وقد راعينا في اختيار الروايات مدى تمثيلها للثقافة المنتجة، وللظاهرة المدروسة ولم نعتمد منهجا بعينه؛ لأن لكل موضوع، ولكل متن، تفصيلاته التي توجه البحث ، نحو اعتماد آليات مختلفة قد تكون مأخوذة من مناهج وتيارات نقدية عدة، أما فرض منهج مسبق على متن الدراسة فإنه يحجم الرؤية، ويضع قالبا جاهزا لما يمكن أن يقال، لكني أفدت من المناهج التقليدية والحديثة، كالتأريخي، والاجتماعي والنفسي، إلى جانب آليات وإجراءات من النقد الثقافي والبنيوي، وعلم السرديات، في استنطاق النص، أو محاورته.

وقد توصلت الدراسة بفصولها الثلاثة إلى عدد من النتائج ابرزها : لقد أخذ الوعي بالهوية الذاتية، (الوطنية، والفرعية) يتزايد عند الكتّاب العراقيين، فبعد أن كانت ثيمة الهوية شبه مغيبة في الرواية، أخذت بالتصاعد وشكلت ظاهرة بارزة بعد عام 2003 كما إن الرواية بعد هذا العام نظرت بعين نقدية أعمق وأبعد عن الأيديولوجيات الجاهزة والشعارات الوطنية، وحاولت مساءلة الواقع والتاريخ وإعادة تحبيكهما، فرأينا نظرة جديدة للمعدان واليهود والحضارة العراقية كذلك ربما يكون عزوف الروائيين عن هذا الموضوع سابقا، خوفا من السلطات التي حاولت صهر المكونات العراقية، ولم تسمح بالحديث العلني عن اختلاف الأطياف وتنوعها إلا في نطاق محدود كما ان هناك قاسم مشترك بين الروايات المدروسة، هو التركيز على تحبيك هوية السلطة السياسية في العراق، بصفتها آلية تفرقة بين العراقيين الموحَدين على اختلاف أديانهم، وفي ظننا إن ثيمة التوحد، وإرجاع الخلاف، والصراع الى السلطة السياسية، أو إلى مؤامرات خارجية، فكرة تفتقر إلى العمق، فالصراع المذهبي والطبقي والديني، حالة مشتركة بين الشعوب، وهي أقدم من زمن الانقلابات كذلك لم نجد رواية تخصصت في البحث في لحظة تشكل الهوية، أي الرواية التاريخية التي تعيد كتابة الهوية حال تشكلها، لكن وجدنا الرواية التي تعيد كتابة الهوية؛ أساطيرها، طقوسها، أزياءها مع ملاحظة أنه لا توجد هوية ناجزة، الهوية دائمة التشكل.





بقلم / عادل الفتلاوي



تاكات المحتوى: (تحبيك الهويات الثقافية في الرواية العراقية) أطروحة دكتوراه لباحثة من جامعة بابل
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: h@uobabylon.edu.iq

جميع الحقوق محفوظة - شعبة موقع الجامعة © جامعة بابل