(لُعْبَةُ المواقع في شخصيّات علي بدر الروائية) رسالة ماجستير في جامعة بابل

طباعة ورفع: وسام ناجي المعموري

عدد الزيارات: 2237

بواسطة قسم الاعلام والعلاقات العامة


كتابة وتحرير - قسم الاعلام, رئاسة جامعة بابل

تاريخ النشر: 23/06/2014

اخر تصفح: 2024/04/16




(لُعْبَةُ المواقع في شخصيّات علي بدر الروائية) رسالة ماجستير في جامعة بابل



نوقشت في جامعة بابل رسالة الماجستير الموسومة( لُعْبَةُ المواقع في شخصيّات علي بدر الروائية ) تقدم بها الطالب جعفر محمد صبّار علي السرحان الى مجلس كلية التربية للعلوم الإنسانية– قسم اللغةِ العربية وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير في اللغة العربية وآدابها باشراف الأستاذ الدكتور علي إبراهيم.



وقال الباحث ان الدراسة تناولت ظاهرة اجتماعية تظهر على الشخصيّة في الواقع, أسميناها بـ(لُعْبَة المواقع), وقصدنا بها قفز وانقلاب الشخصيّة من موقعٍ أو من دورٍ لآخر مغاير له, مثلّتها الشخصيّات الروائية التي رسمها علي بدر في رواياته, حيث وسِمت الدراسة بعنوان (لُعْبَة المواقعِ في شخصيّات علي بدر الروائية), ولمّا حصرنا زاوية الدراسة بهذا العنوان, تركّنا مجالاً بين الكلمات والسطور كي يجد القارئ مجالاً لقراءةٍ أخرى, والناقد فرصة لدراسة وتحليل من زاوية نظر مختلفة قد ترتبط مثلاً بالروائي ورسمه للشخصيّات بقصد أو بغير قصد, أو بتأثير بعض عناصر البنيّة السرديّة في الشخصيّة... وهكذا, ولمّا كانت قراءتنا قراءة ثقافيّة تأويلية كان من الصعب وضع خاتمة لها, لان الفكر التأويلي أو التحليلي فكرٌ إشكالي بصفة عامة, وهو خارطة موزائيكية وفسيفسائية, تتشكل بين ثناياه كثير من الرؤى والصور اللامتناهية, فعلى هذا لم يكن بوسعنا أن نَجزم أو أن نُعطي آراءنا بطريقة قطعيّة أو نهائيّة, إلى جانب ان القراءة الثقافية لا تدَّعي انَّها القراءة الواحدة والصحيحة, وما خلاها وهمٌ وسراب, فبما انها قراءة تعتمدُ على ما يقف وراء الظاهرة من انساق ثقافية وثقافات متجددة ومتعددة, فعلى هذا يصعب الجزم بقراءةٍ واحدة, لكون الظاهرة قد تحتمل أكثر من قراءةٍ وقراءة أخرى وعلى الرغم من هذا فقد توصلت الدراسة إلى بعض النتائج منها إن النسق الثقافي هو نظام من العادات والتقاليد والإيديولوجيات المختلفة السائدة في مجتمع ما- أصبح يشكّل (تابو/محضوراً) لا يمكن الخروج عليه من جانب الشخصيّات مهما كانت, إلا بتأثير انساق ثقافيّة مغايرة لتلك الأنساق السائدة, تقوم بالتأثير على الشخصيّة وتدفعها للانقلاب على تلك الأنساق القديمة والقفز لموقع آخر مغاير لموقع النسق السائد,وعندها تُعدُّ الشخصيّة خارقة للتابو.



واضاف: ان اغلب شخصيّات علي بدر الروائية جاءت خاضعة لانساق ثقافية راسخة ومتجذّرة في المجتمع العراقي بصفة خاصة, ولم يكن خروجها على تلك الأنساق إلا لسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو ما يتعلق أحياناً بالنسق المُهيمِن ذاته كما ان شخصيّات علي بدر هي شخصيّات روائية (خياليّة) الا أنَّها حَمَلت حُمولات واقعيّة لا غنى عن دراستها, غير انَّها وبطبيعة الحال لا تمثل بصورة قطعيّة جميع شخصيّات المجتمع العراقي, بل هي نماذج رُسِمت لبعض الشخصيّات, فعلي بدر حاول ان يقدّم عِدَّة شخصيّات مختلفة العناوين منها : الدينيّة والسياسيّة والمثقّفة والفقيرة... رجل كان أم امرأة, ورسمها رسماً كاريكاتيرياً ساخراً لم يرمِ من ورائه نقداً لتلك الشخصيّات بقدر ما حاول لفت الأنظار ونقد بعض الأنساق المُهيمِنَة والقابعة وراء الشخصيّة, مما جعلها تظهر بهذا المظهر الساخر وعلى الرغم من وضوح الأنساق الثقافية وهيمنتها على الروائي, الا ان شخصيّة الروائي علي بدر لم تخرج ولم تكسر أي نسق سائد, على الرغم مما رَسمَهُ وما وَضَعهُ في رواياتِه من علامات إيروسية, بل على العكس حاول ترسيخ انساق مضمرة كامنة في داخل نفسه, محركة له في إنتاج مُنتَجهُ الروائي, فهو ظاهراً يُعدُّ خارقاً للنسقِ وللتابو كمثال تناوله للمرأة بصورة الجسد, انّما يحطُّ من نسق الانوثة وينتصرُ لنسقِ الذكورة والفحولة, وهو نسق متجذر ومهيمن على الشخصية العراقية, يخرجه بقصد أو بغير قصد .



وتابع حديثه بالقول:لم تخرق الشخصية التابو, لأنه تابو ديني أو سياسي أو اجتماعي... لذاته, بل لِما كان يمارسه ذلك التابو على الشخصيّة من فعل الاضطهاد والإقصاء والهيمَنة المُضرَّة بالشخصيّة, كما كشفت الدراسة ان إلحاح الروائي نفسه على ثيمة خرق المقدَّس أو التابو, والانتقال بالشخصيّة لموقع مغاير للموقع الأول – فضلاً عَّما استنتجناه وأثبتناه في نهاية المباحث - فيه نوع من التحدِّ الواضح للعرف الاجتماعي السائد بصورة غير مباشرة, وللسلطات المختلفة دينية كانت أم سياسية أم ثقافية أم اجتماعية وغيرها وقد أوضحت الدراسة موقع الشخصيّة من الآخر وموقفها منه, ومن ثم ّسيطرة النسق الحضاري والثقافي وهيمَنة إيديولوجيته الخاصة على فكر الشخصيّة إذ أصبحت تنظر إلى الآخر كعدو أو صديق, ونادراً ما نجد - ان لم نقل انعدام وفقدان- النظرة البينيّة أو الموضوعيّة للآخر وتقبّله, وذلك كلّه بدافعِ وهيمنة النسق وتعصبّه للذات ونبذ الآخر .



وقد أثبتت الدراسة الفرق بين الشخصيّة الازدواجيّة والمنافقة, فضلاً عن إيضاح مصطلح الازدواج, وكونه مرضاً طبياً - نفسياً, نشأ في أمريكا في بداية الخمسينات, وليس له أي علاقة بالظاهرة اجتماعية التي قصدها الدكتور علي الوردي على وجه الخصوص, وان ظاهرة تناقض الشخصيّة وتقلبها بين الفكر والسلوك, ما هي إلا ميكانيزم دفاعي تستعمله الشخصيّة كي تتأقلم مع ظروف الحياة وتمارس أدوارها المتعددة فيها, كما انَّها تقي الشخصيّة من الوقوع بالمرضِ النفسي والخطر المحدق بها .



وبين الباحث: ان الدراسة كشفت اختلاف الازدواجية عن النفاق, فالأولى ظاهرة اجتماعية قد تتواجد لدى جميع أفراد المجتمع الواحد أو المجتمعات الأخرى وبنسب متفاوتة, بخلاف النفاق والذي هو مرض اجتماعي لا يصيب الا أفراد قلائل من المجتمع ينتج أحياناً من تأزم ظاهرة الازدواج في الشخصيّة, وقد يؤدي بإصابة الشخصيّة بالمرض النفسي كذالك ومن هذا كله نصل إلى نفي صفة الازدواج - بمعنى المرض النفسي- عن الشخصيّة العراقية المتمثلة في شخصيّات بدر الروائية, كونها شخصيّات طبيعيّة في تصرفاتها لا تحمل صفة الشذوذ والمرض النفسي, الا ما قلَّ وندر, بسبب الظروف القاسيّة التي ألمت بالحياة والبيئة والشخصيّة والمجتمع العراقي على الوجه الذي لم نجد له نظير في المجتمعات الأخرى وانّنا لم نلحّظ هذه اللعبة في الشخصيّة, لولا وجود ثوابت عَمِلت كمعيارٍ ومقياس أخضعنا الشخصيّة إليها وحكمنا عليها بموجبِها, فظهر تقلبّها الموقعي وتناقضها ونفاقها وخرقها للتابو المقدّس, فلولا وجود هذه الثوابت فينا نحن بالذات, لَما لمحنا مثل هذه الظاهرة على الشخصيّة, سواء كانت روائية (متخيّلة) أم واقعيّة .

وأمل الباحث ان تكون دراسته فاتحة لدراسات أخرى , قد تتعلق بالروائي علي بدر ذاته وعلاقته في رسم شخصياته , أو علاقة ظهور الشخصيّات على هذه الشاكلة مع بقية عناصر البنية الروائية.

وتابع بالقول: لقد أخذ بنا لدراسة روايات علي بدر دراسة ثقافية, حيث اختطَّ بدر لرواياته منهاجاً ومشروعاً كبيراً يفتقر إليه الروائي العراقي, حيث بَنى نتاجهُ الروائي والسردي على وفق مشروع أراد من خلاله ان يؤرخ للأمة العراقية - بحسب قوله - عن طريق الرواية, شأنه في ذلك شأن نجيب محفوظ,فضلاً عن اعتماده على تقنيّة البحث والتقصي, وهي تقنيّة حديثة في السرد الروائي, إذ لا يكتفي الروائي بموضوعه, بل يعمدُ لشروحٍ نظرية وفكرية توضح خلفيات كثير من الوقائع والأحداث, وتضع لها تفسيرات مختلفة,ولهذا المنحى السردي سَلبيات كما له ايجابيات, فإيجابياته انه يعطي ملمحاً عاماً أو توصيفاً شاملاً لما يسرده من وقائع وأحداث ونظريات إلى جانب تلاعبه بالواقع, كونه يعكس بصورة ما الأحداث – إلا أنه يعتمدُ الخيال - فقد يشوّه الوقائع على وفق وجهة نظر الكاتب, مما يُعدُّ تحريفاً للحقائق بصورة غير مباشرة, وهو أمرٌ سَلبي بطبيعة الحال,إذ كان علي بدر يُقابل في بنائه الروائي بين التخيلي والواقعي, أو الحقيقي ضمن السياق التخيلي نفسه, فكان استحضاره هائلاً للأشخاص التاريخيين من سياسيين ومؤرخين ومثقفين وأدباء وغيرهم, حتى راح يُوهِم بواقعيةِ ما يَروي من أحداثٍ وشخصيات وأماكن الرواية وحاولنا جاهدين ان نضع أنفسنا في موضع الناقد والقارئ والمحّلل للمجتمع نفسه عن طريق الروايات نفسها, ولمّا كانت رواياته وما رسمه بداخلها من شخصيّات عراقية - بطبيعة الحال - لمحنا ظاهرةً بارزة تقوم بها تلك الشخصيّات في عموم الروايات, حيث تقوم الشخصيّة بالقفز والتنّقل من موقع لآخر ومن دور لآخر مغاير للدور السابق له, عندها حاولنا إقتطاع هذه الثيمة الروائية أو الظاهرة السردية وأسميناها بـ(لُعْبَة المواقعِ), إذ ركزّنا على وجود وتَكرار هذه الظاهرة في الشخصيّة, وعلى أسباب ظهورها أو ما يدفع بها للظهور على الشخصيّة من مؤثرات وأنساق ثقافية مضمرة تقبع في داخل المجتمع والشخصيّة ذاتها, وهنا تكمُن أهمية البحث حيث حاولنا إعادة النظر والقراءة والتحليل لما رسمه بدر من شخصيّات روائية, كما نحاول إثبات أن الشخصيّة العراقية غير متقلّبة لذاتها - وان كانت خاضعة لخيال الروائي, وغير حقيقيّة بالمعنى الدقيق للكلمة - إلا إنها ترسم بصورة أو بأخرى ملامح للشخصيّة العراقية, لاسيّما وان هدف الروائي هو ان يؤرخ للشخصية وللمجتمع العراقي.



واختتم الباحث حديثه بالقول: جاءت خطّة البحث ممثلة بثلاثة فصول, يسبقها تمهيداً تناولنا فيه الشخصيّة الروائية في توضيحات اصطلاحية, ومن ثم توضيح لمفهوم الإيديولوجي والحضاري والـ(نفسي- الاجتماعي) ولُعْبَة المواقع في (مقاربة اصطلاحية) فالفصل الأول, جاء بعنوان الموقع والنسق الإيديولوجي, تناولنا فيه تأثير هذا النسق على مواقع الشخصيّات, ودفعها للقيام بتغيير مواقعها بحسب تأثير تلك الايديولوجيا, وتضّمن مبحثين, الأول : لُعْبَة المواقع بين المقدّس والمدنّس, والثاني : المرأة بين القداسة والدناسة وأما الفصل الثاني فعنوانه الموقع والنسق الحضاري, حيث تناولنا فيه تأثير النسق الحضاري - وبضمنه الثقافي أو الثقافة - على تغيير موقع الشخصيّة,وجعلها تقفز من موقع لآخر مغاير بتأثير هذا النسق, وجاء على ثلاثة مباحث, الأول : صورة الآخر العدو, والثاني : صورة الآخر الصديق, والثالث : نحن والآخر- والصورة البينيّة لهما في حين جاء الفصل الثالث بعنوان الموقع والنسق الـ(نفسي- الاجتماعي) وفيه أوضحنا تأثير هذا النسق الثنائي, ودوره البارز في التأثير على تقلّب موقع الشخصيّة أو لَعبها الموقعي, إذ قسمّنا الشخصيّة على وفق هذا النسق إلى شخصيتين هما : الأولى : الشخصيّة الازدواجية, والثانية : الشخصيّة المنافقة, ومن ثم تأتي الخاتمة لتلخّص أهم النتائج التي توصلنا إليها, تليها قائمة بالمصادر والمراجع التي اعتمدها البحث .





بقلم / عادل الفتلاوي

تاكات المحتوى: (لُعْبَةُ المواقع في شخصيّات علي بدر الروائية) رسالة ماجستير في جامعة بابل
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: h@uobabylon.edu.iq

جميع الحقوق محفوظة - شعبة موقع الجامعة © جامعة بابل