عادل محمد
ناقشت رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الانسانية بجامعة بابل النتاج العلمي لفَخْرُ المحِقّقِينَ محمدٌ بنُ الحسن الحلّيّ (ت:771ه/1369م)،قدمها الباحث علي عبيس حسين بإشراف الأستاذ الدكتور عبد الستار نصيف العامري ،ونالت درجة الامتياز.وتهدف الدراسة لتسليط الضوء على مكانة واهمية مدرسة الحلة العلمية بشكل عام, والدور الذي أداه فخر المحققين في تاريخ هذه المدرسة بشكل خاص, فضلا عن التوقف عند ابعاد منجزه العلمي في العلوم الدينية سواء ما تعلق منها بالتفسير والفقه والأصول والتأكيد على مسألة احياءه للتراث الأصولي والفقهي والكلامي لوالده العلامة الحلي من ناحية الشرح والتلخيص والتصنيف.وتضمنت الدراسة ثلاثة فصول وخاتمة وملاحق ، فالفصل الاول الذي جاء بعنوان " الحياة الاجتماعية لفخر المحققين وعوامل نبوغه الفكري " كان بمثابة مدخل عام للتعريف بفخر المحققين من الناحية الاجتماعية والعلمية, وقد تضمن ثلاثة مباحث, الأول عالج من خلاله أطوار حياته الاجتماعية من ناحية نشأته, ومولده, ونسبه, والقابه, واسرته, والمبحث الثاني حدد العوامل التي أسهمت في نبوغ فخر المحققين الفكري, وفي هذا السياق توقفت الدراسة عند شيوخه, وحلقاته الدراسية ومجالسه العلمية, فضلا عن استعراض لرحلاته العلمية وطبيعة المناخ السياسي في العصر الذي ظهر فيه خصوصاً عند تصديه للمرجعية الدينية في ذلك الوقت, أما المبحث الثالث عالج من خلاله شهادات العلماء والمؤرخين في مسألة مكانة واهمية فخر المحققين, كذلك تطرق الى مسألة الخلاف في الروايات التاريخية بشأن وفاته.
أما الفصل الثاني والذي جاء بعنوان " مصنفات فخر المحققين" فقد تضمن مدخل ومبحثين, عالج في المدخل دور العلماء في تصنيف كتبهم ووضع الفهارس لها. اما في المبحث الاول فقد تم تسليط الضوء على مصنفاته المخطوطة" غير المحققة" سواء في مجال التفسير, ام في الفقه والاصول, أما المبحث الثاني فكان مخصصاً لدراسة وتصنيف المنجز العلمي لفخر المحققين "المطبوع" وذلك في مجالات مختلفة من العلوم الدينية منها مصنفاته في علم الحديث, والفقه وأصوله والعقيدة وعلم الكلام, وفي, ومصنفاته " المفقودة" والتي ذكرتها كتب التراجم والتاريخ.أما فيما يخص الفصل الثالث والاخير والذي كان بعنوان " اجازات فخر المحققين " فلقد جاء بمبحثين, عالج المبحث الأول مفهوم الاجازة, وانواعها, وحجيتها, وكذلك الفوارق بين شيخ الاجازة وشيخ الرواية, ثم تطرق إلى فوائد الاجازة وطرق منحها, وفيما يتعلق بالمبحث الثاني فلقد توقف عند من اجازهم فخر المحققين من العلماء في عصره, وقسم تلك الاجازات الى اجازات قراءة كتب الفقه والعقائد, واجازات المسائل الفقهية والعقائدية, وإجازات عامة في الرواية والفقه .
واشارت الدراسة الى ان مدرسة الحلة مثلت تحولا بارزا في بداية القرن السابع حتى نهاية القرن الثامن للهجرة وباتجاهاتها الفكرية المختلفة في مسار الفكر الاسلامي بشكل عام, والمذهب الامامي بشكل خاص, وقد كان لظهور عدد كبير من العلماء في هذه المدرسة منهم : محمد بن إدريس الحلي(ت: 598هـ/1193م), وهبة الله بن نما الحلي(حيا565 ه/1170م), ويحيى بن البطريق الحلي(ت: 600ه/1203م), والسيد رضي الدين علي بن طاووس(ت: 664ه/ 1265م) .. وغيرهم وما احدثوه من نقله نوعية على مستوى الدراسات العقائدية والكلامية للمذهب الامامي دوراً كبيراً في جعل هذه المدرسة لها سماتها وخصائصها الواضحة التي جعلتها تختلف عن غيرها من المدارس, ويمكن القول إن الدور الذي أداه العلامة الحلي وولده فخر المحققين كان له الاثر الأكبر في ترسيخ ابعاد وهوية هذه المدرسة, ذلك ان اثر العلامة الحلي (ت:726/1325م)لا يتمثل فقط بزعامته للمرجعية الدينية الشيعية في عصره, بل إن توجهاته العقائدية, وما أحدثه من تحول منهجي في دراسة عقائد وأـصول الشيعة الامامية جعله يشكل ظاهره لها توجهاتها , وحركة لها اتباعها ومؤيدوها, والذين وأصلوا من بعده عملية البناء والتأسيس والتأصيل للمنطلقات والأسس التي بنا عليها العلامة الحلي منظومته الاصولية والفقهية والعقائدية, ومن بين اهم من كان له الدور في حفظ واغناء واثراء التراث الفكري والعقائدي لمدرسة الحلة ممثلة بإسهامات العلامة الحلي هو ابنه محمد بن الحسن الحلي الملقب بـ " فخر المحققين".