خلال ندوة علمية بجامعة بابل اساتذة الهندسة البيئية يبحثون ظواهر وآثار العواصف الترابية في العراق

طباعة ورفع: وسام ناجي المعموري

عدد الزيارات: 1291

بواسطة قسم الاعلام والعلاقات العامة


كتابة وتحرير - قسم الاعلام, رئاسة جامعة بابل

تاريخ النشر: 25/03/2013

اخر تصفح: 2024/04/24



برعاية رئيس جامعة بابل الاستاذ الدكتور عادل هادي البغدادي واشراف عميد كلية الهندسة الاستاذ الدكتور عادل عباس الموسوي عقد قسم الهندسة البيئية بكلية الهندسة ندوته العلمية الموسومة ( العواصف الترابية في العراق الاسباب والمعالجات) والتي حضرها عضو مجلس النواب السيد علي شبر ومساعد رئيس الجامعة للشؤون العلمية الاستاذ الدكتور فارس ناجي عبود وعضو مجلس المحافظة السيد مازن عبد الكريم واساتذة وطلبة الجامعة كما تم خلال الندوة عرض افلام وثائقية ومخططات بيانية حول موضوع الندوة وذلك على قاعة الشهيد الصدر(قدس) في الجامعة.وقال رئيس القسم الدكتور علاء حسين وادي الفتلاوي ان العواصف الترابية باتت تشكل حاليا معضلة كبيرة وعلى مدى العشر السنوات الماضية في العراق ففي حين تم رصد هبوب( 122 )عاصفة ترابية في العراق عام( 2008 )تشير التقديرات الحالية الى ان نحو(300) عاصفة قد تجتاح البلاد كل عام في غضون السنوات العشر القادمة والتي ستؤدي شدتها وتكرار حدوثها المتنامين الى تدهور مستمر في البيئة العراقية بسبب تفاقم ظاهرة التصحر وتراجع الغطاء النباتي وبطبيعة الحال فان العراق ليس البلد الوحيد الذي يتاثر بها لكن حالة التصحر والجفاف التي يشكو منها العراق اكثر من غيره جعله اكثر عرضة لها.واستدرك متسائلا: ما هي اسباب ازدياد هذه الحالة وهل سيسوء الامر مستقبلا ؟ ام هناك امل في حصول الافضل ؟ فهناك تصور متداول عند البعض انه بعد عام 2003 اثرت حركة الاليات العسكرية على الصحراء مما جعل التربة متحركة بعد ان كانت ثابتة الا ان هذا التصور غير صحيح وليس لهذا الامر علاقة بحدوث العواصف الترابية في العراق بل ان هنالك اسباب عديدة لحدوث هذه الظاهرة واحد تلك الاسباب هو الجفاف الذي اصاب اراضيه نتيجة لقلة هطول الامطار في السنوات الاخيرة حيث بدأت مع بداية عام 1991 ولحد الان انحسار وقلة مياه نهري دجلة والفرات التي اثرت سلبا على الزراعة نتيجة العجز المائي على مستوى البلاد حيث توقع الخبراء في الثمانينات ان الجفاف سيحدث بالعقد الثاني من الالفية الثالثة بعد عام 2010 ولكن الجفاف سبق التوقع اذ ان انحسار غابات النخيل في وسط وجنوب العراق من( 48 ) مليون نخلة في سبعينات القرن المنصرم لنحو( 8 )ملايين نخلة في الوقت الراهن نتيجة احتراقها اثناء الحروب العبثية للنظام البائد وتجفيف اهوار جنوبي العراق وانحسار المياه عنها وتراجع الاهتمام بمراعي البادية مقابل تزايد عمليات الرعي الجائر مما ادى ذلك لاختلال الاحزمة الخضراء التي تؤثر على الاراض الزراعية وتعصف بالمدن المحاذية للصحراء وتتسبب بالتالي تلوث الهواء والبيئة .

اما مقرر الندوة الدكتور جبار حمود البيضاني فقد اشار الى ان التقارير الصادرة من بعثة الأمم المتحدة في العراق اكدت على اهمية إقامة أحزمة خضراء في البلاد لمواجهة العواصف الرملية والترابية واقترحت إنشاء صندوق ائتماني إقليمي يعنى بالبيئة لمعالجة مشكلة تلك العواصف كما حذرت من ان العراق سيشهد في السنوات العشرة المقبلة نحو( 300 )عاصفة رملية سنويا بعد أن كان عددها لا يتجاوز أل(122) في سنة 2008 وكان المعتاد هبوب مابين( 10 و15 )عاصفة رملية في أواخر السبعينات لكن هذه العواصف بدأت تزداد عددا وقوة بعد تجفيف الاهوار في أوائل التسعينات وإن عام( 2008 ) شهد( 283 ) يوما متربا بما في ذلك( 122 ) عاصفة ترابية ويتوقع وصول عدد الأيام التي تشهد اجواءا متربة إلى( 300 ) يوم سنويا خلال العقد القادم ويبقى للمواطن العراقي( 60 ) يوما فقط ليستمتع بصفائها. واضاف: لقد شكل البحث العلمي والتطور التقني محور اساسي في تقدم الامم وازدهارها بمختلف المجالات التنموية وفي العراق نشهد اليوم تسارع كبير في عجلة التنمية وانطلاق متنامي لتحسين ظروف الحياة والاهتمام بافراد المجتمع في جميع المجالات في عالم تقاس فيه قوة الامم وحضورها بمدى انجازها في سجل التنمية ومدى قدرتها على الاستفادة من التطورات العلمية والتقنية لتوظيفها في مشروعات التنمية ولاشك ان هذه الجهود العملية والمتوالية تشكل دفعة قوية للبحث العلمي وتعطينا املا كبيرا في تحقيق السياسات المرسومة في هذه الخطة على افضل وجه خاصة مع توفر عوامل النجاح المتمثلة في الرؤية الواضحة والتخطيط والتنفيذ الجيد فضلا عن اشراك الجهات المعنية وتفعيل ادوارها مع الاستفادة من الخبرات المحلية والدولية في هذا المجال مما يسهم بالتالي في تعزيز الامن والتنمية الشاملة ونمو الاقتصاد الوطني وتحقيق رفاهية الفرد والمجتمع الذي تنشده الدولة لذلك فانني ادعو اصحاب القرار والمهتمين الى معالجة مشكلةالعواصف الترابية وايلاء موضوع البيئة من الخطوات الاساسية في التنمية الشاملة.اما الباحثة(انتصار جابر عبد) فقد استعرضت في محاضرتها التأثيرات ألصحية لظاهرة الغبار في العراق وتحدثت قائلة: انه بعد ازدياد العواصف الترابية في غضون السنوات المتأخرة نتج عنها ظهور أعراض تهيج الجهاز التنفسي لدى الكثير، وازدحمت غرف الإسعاف في المستشفيات بالمراجعين بسبب زيادة أعراض أمراض الصدر المزمنة والحساسية فقد كان العراق في الاونة الأخيرة عرضة للعواصف الغبارية المتكررة والمتزايدة التي أدركها جميع المواطنين لاسيما إن فترة حدوثها لم تقتصر على أشهر محدده من السنة، إنما كادت لا تفارق أيام مدننا العراقية، فكانت سببا للتذمر والملل لدى المواطنين بشكل عام ،فيما كانت وبالاً على مرضى الربو وخلال العواصف الترابية يتشبع الهواء بذرات الغبار التي تتعرض لها جميع الكائنات بصورة مباشرة سواء عن طريق الاستنشاق أو التلامس المباشر. وعلى الرغم من ازدياد وتكرار حدوث العواصف الترابية على مستوى العالم إلا أن هذا الموضوع لم يدرس علميًا وبشكل كبير في السابق، ولكن في السنوات الأخيرة ظهر عدد من الأبحاث التي تناولت هذا الجانب وذلك بسبب زيادة العواصف الترابية في العالم كله بسبب التصحر والجفاف لدرجة أن العواصف الترابية من الصحراء الكبرى تعبر المحيط الأطلسي وتصل إلى السواحل الشرقية الأمريكية.

واضافت: تنتج أعراض الجهاز التنفسي عند استنشاق ذرات الغبار تأثير أكبر في الجهاز التنفسي ، وهذا يعتمد كثيرًا على حجم الذرات المستنشقة؛ حيث إن الذرات الأصغر يكون تأثيرها أكبر في الجهاز التنفسي لأنها يمكن أن تتخطى أجهزة الفرز والتصفية الطبيعية في الجهاز التنفسي في الأنف وتصل إلى عمق الجهاز التنفسي والقصبات الهوائية الداخلية والحويصلات. وتقسم ذرات الهواء حسب حجمها وتقاس بالميكرون والميكرون يعادل 1/مليون من المتر.واهتمت أكثر الأبحاث بالجزيئات التي يقل حجمها عن 2.5 ميكرون (2.5 PM)لأن الهواء يمكن أن يحملها لمسافات بعيدة جدًا تصل لآلاف الكيلومترات، كما أن احتمال وصولها إلى الرئة في حال الاستنشاق يكون أكثر من الجزيئات الكبيرة التي تعلق في العادة في الجهاز التنفسي العلوي. ويزداد تركيز الجزيئات الصغيرة (2.5PM) خلال عواصف الغبار بنسبة قد تصل إلى 200 في المئة ويمكن أن تؤثر ذرات الغبار على أعضاء أخرى في الجسم غير الرئتين ولقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن الغبار ليس فقط مزعجًا للإنسان ولكنه قد يكون مصدرًا كبيرًا للآثار الصحية السيئة،والمجال لا يزال مفتوحًا للكثير من الأبحاث. حيث بينت الأبحاث إن الغبارتسبب في انتشار وبائي لالتهاب السحايا. وسبب انتشار المرض المعدي هو حمل ذرات الغبار للبكتيريا المسببة لالتهاب السحايا لمسافات طويلة، وحين يستنشق الإنسان هذه البكتيريا بكميات كافية فإن احتمالية إصابته بالمرض تزداد. فقد استطاع الباحثون عزل البكتيريا المسببة لالتهاب السحايا من ذرات الغبار. الأخطر، حيث أن ذرات الغبار الصغيرة (2.5PM) والتي يمكن أن ينقلها الهواء لآلاف الكيلومترات تستطيع حمل البكتيريا إلى مسافات بعيدة جدًا كما أظهرت الأبحاث التي أجريت في الصين وتايوان أن زيارة غرف الإسعاف والمستشفيات بسبب أمراض الرئة والأنف والقلب والتهاب العينين ألرمدي ارتفعت بنسب كبيرة خلال العواصف الترابية. في حين ذكرت زميلتها الباحثة( اسراء سعدي ) ان الجميع يدرك أن العواصف تؤثر بشكل كبير على مرضى الجهاز التنفسي حيث تزداد الأعراض لديهم خلال العواصف الترابية. كما أن بعض الأصحاء يعانون من ضيف التنفس خلال هذه العواصف وأن ذرات الغبار وما تحمله من مواد عضوية وغير عضوية بتركيز عالٍ تؤدي إلى تهيج الجهاز التنفسي مما قد يزيد من أعراض التنفس لدى المرضى المصابين بأمراض الصدر المزمنة، كما أن الأعراض قد تظهر عند الأصحاء، وتظهر أعراض التحسس حسب الأبحاث المنشورة مباشرة أو بعد يومين من التعرض للغبار. ونلاحظ عند حدوث العواصف الترابية زيادة أعراض الحساسية لدى مرضى الحساسية المزمنين "الربو" كما أن بعض الأشخاص يصابون بحساسية موسمية تحدث في وقت العواصف الترابية من كل عام. لذلك ننصح المرضى المصابين بالحساسية خلال العواصف الرملية بتجنب البقاء في الأماكن المفتوحة المعرضة للغبار، والانتظام على علاج الحساسية الموصوف لهم من الطبيب، والتواصل مع الطبيب خلال هذه الفترة لتعديل جرعة العلاج إذا تطلب الأمر حيث شهدت مدينة الحلة مساء الأربعاء المصادف 28-2-2012 أسوأ عاصفة تشهدها المدينة منذ آذار 2003 حيث انعدمت الرؤيا وخلت الشوارع من المارة والسيارات وبحسب مصدر طبي استقبل مستشفى مرجان( 170 )حالة اختناق أما في يوم السبت الموافق 17-3-2012 فقد استقبل مستشفى الحلة التعليمي( 45 )حالة اختناق وفي يوم الأحد المصادف 18-3-2012 استقبل مستشفى الحلة التعليمي( 60 )حالة اختناق من الأطفال وكبار السن وبحسب مصادر طبية أخرى فأن مستشفى مرجان –شعبة الطوارئ استقبلت في يوم السبت المصادف 12-4-2012 (30) حالة اختناق إضافة إلى أن عدد من المواطنين أصيبوا بجروح نتيجة العواصف الترابية التي تسببت في اقتلاع بعض الأشجار وإلحاق أضرار في بعض المحلات والدور السكنية بالإضافة إلى سقوط عدد كبير من الإعلانات الضوئية على أرصفة الشوارع واقتلاع وكسر عدد من الأشجار الكبيرة .وتابعت قائلة: وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية لعبء الإمراض الناجمة عن تلوث الهواء, فإن العالم يشهد كل سنة ما يزيد عن (مليوني) وفاة مبكرة يمكن عزوها لآثار تلوث الهواء الطلق والهواء في الأماكن المغلقة ومع هبوب العواصف الرملية التي تحمل بين ذرات الرمل الكثير من الفطريات والبكتريا التي تحمل بواسطة الجزيئات والتي يستنشقها الإنسان لتجد لها المنبت الرطب الصالح للتكاثر والغزو في رئتي الإنسان. إلى جانب التأثيرات الصحية المباشرة .. فان هناك تأثيرات نفسية للعواصف الغبارية فلقد تبين من خلال دراسة ميدانية على عينة من الشباب في المرحلة العمرية من (18-22 سنه) في الكويت أن الأتربة المعلقة تحتوي على عديد من العناصر الأساسية والنادرة وعادة ما تكون تلك العناصر من النوع السام وخصوصا عند زيادتها عن الحدود التي لا يتحملها جسم الإنسان وإن وجود عناصر ثقيلة مختلفة في مكونات العواصف الغبارية مثل الفناديوم، الزئبق، الرصاص، الزنك، الكوبلت، الكروم، الكادميوم، النيكل، الحديد، وعنصر السيليكا تؤدي إلى (الإجهاد) حيث أشارت ألدراسة الى إن الشباب المعرضين للعناصر الثقيلة المذكورة إلى وجود علاقة ارتباط دالة بين المتغيرات النفسية التي تتمثل( بالاضطرابات السيكوسوماتية، ضعف الاتزان الانفعالي، العدوانية، القلق، الاكتئاب، اضطراب عمليات الذاكرة) أي أنه كلما زادت التركيزات يرتفع تأثير اضطرابات الحالة النفسية والانفعالية ومما سبق يمكن لنا أن نخلص إلى أن العواصف الرملية والغبار الشديد قد يسببان آثاراً صحية سيئة في أكثر من جهاز في الجسم إضافة إلى انتشار بعض الأمراض السرطانية بفعل حمل تلك الرياح آثار اليورانيوم المنضب وبقية مخلفات الاعتدة المتنوعة التي استخدمت في الصحراء وظهرت ولادات مشوهة كثيرة في مدن العراق لذلك وجب الحذر خلال العواصف والتقليل من التعرض لذرات الغبار بقدر الإمكان وعن تأثير ات العـواصـف التراب?ة على صحة الأنسان فأن ملوثات الهواء تتسبب فى موت نحو( 50,000 )شخص سنويا ( و تمثل هذه النسبة حوالي 2 % من النسبة الإجمالية للمسببات الأخرى للموت ) .اما الباحث علي عبد الرزاق حسان من مديرية بيئة بابل فقد استعرض في محاضرته التأثيرات البيئية لظاهرة الغبار في العراق وقال : تعتبر العواصف الترابية المستمرة من أكبر الكوارث المهددة للمجتمعات البشرية، وتحدث نتيجة للخلل ما بين العناصر المختلفة المكونة للنظم البيئية، وبالتالي تصبح هذه العناصر غير قادرة على توفير متطلبات الحياة الضرورية للإنسان والحيوان وإن الإفراط في استغلال هذه العناصر بمعدل يفوق القدرة العامة على التعويض، وعدم ملائمة أساليب الإدارة لطبيعة النظام البيئي القائم أدى إلى تغير وتدهور في الغطاء النباتي وبالتالي تغير في المناخ المحلي، ونتيجة لذلك، تولدت ظروف جديدة هشة وأكثر حساسية، مما أتاح الفرصة للعوامل البيئية الأخرى غير الملائمة لمضاعفة تأثيراتها السلبية، ولأن الأنظمة البيئية في المنطقة الجافة وشبه الجافة تعتبر حرجة وأكثر حساسية من الأنظمة الأخرى، تزداد ظاهرة العواصف الترابية وتأثيراتها وان تكرار هذه المشكلة خطير إن لم تتخذ الإجراءات الجادة والعلمية للحد منها، فإن المنطقة ستواجه مستقبلاً مشاكل حقيقية في تأمين غذائها.


واضاف: إن العواصف الترابية التي تجتاح مدن وأرياف العراق كافة لفترات متواصلة، متجاوزة الفترات الزمنية المحددة لها، وتزداد شدتها وكميات الغبار والأتربة التي تحملها. كما إن نوعية الرياح وشدتها أحدى عوامل التغيرات المناخية ذات التأثير الكبير على البيئة، فسرعة حركة الرياح ذات ارتباط مباشر بعملية التعرية ومستويات التعرية ذات الصلة بالجفاف والتصحر وإن الرياح الرملية والترابية كثيراً ما تعصف على خطي العرض( 34- 32)، اقل منها على المنطقة الشمالية(خط العرض 36)، كما إن التطورات المناخية الحديثة تبين اشتداد موجات الرياح على جميع الأراضي العراقية. و أنها تشتد خلال أشهر الصيف وغالبية الرياح من نوع العواصف القوية، التي تؤثر سلبا على استقرار البيئة وتساعد على تنشيط التعرية اذ إن التعرية الهوائية تحت تأثير العواصف الترابية (وكذلك التعرية المطرية أو المائية) تتسبب بفقد تربة الأراضي الزراعية جزءا من طبقتها العليا، فضلا عن المناطق الشمالية والأراضي ذات المنحدرات، كما إن التعرية تتسبب بإحداث تلوث وتدهور لنوعية الترب الزراعية وبالأخص عندما تكون الرياح العاصفة شديدة الوضوح بنتائجها مسببة تغيير التركيب الطبيعي لتربة الأراضي الزراعية وتحويلها إلى ارض غير صالحة للزراعة بمرور الزمن.
وتقع مسؤولية هذه المشكلة على جانبين أساسيين وهما: أولا أصحاب ستراتيجيات الحروب وهذا الجانب له مخطط بعيد المدى والجانب الثاني سكان المنطقة فلولا ضعفهم الشديد في استيعاب حجم المشكلة وهم منهمكون بأمور تبعدهم كثيرا عن المشكلة وربما توضح الآن سبب تفاقم هذه المشكلة الكبيرة التي تجابه بعض دول المنطقة وخصوصا العراق الذي يكاد لا يمر يوم إلا وأجواء مدنه مملوءة بالعواصف الترابية التي تهدد صحة السكان والمحاصيل الزراعية ومواردها الطبيعية وبجانب ذلك تتناقص المساحات الزراعية واليوم يكاد العراق يستورد اغلب غذاءه وقد حذر خبراء وناشطون في مجال الصحة العامة والبيئة من "حالة الزيادة المضطردة في شدة وعدد والأمد الزمني للعواصف الترابية التي تحدث عاما بعد آخر"إذ يوضح بعض الخبراء العراقيين كيف "أن تحوّل الأرض العراقية نتيجة عوامل الجفاف والتعرية للتربة وانحسار الرقعة الخضراء إلى ارض صحراوية بات يشكل العامل الأساس في استمرار العواصف الترابية في ضوء حقيقة الاختلاف الحاد بين درجتي حرارة طبقة الهواء الملامس لسطح الأرض والطبقة التي تعلوها الأمر الذي يديم من نشاط الرياح المثيرة للغبار."أما تأثيرات الأتربة على المنظر العام للمدن من شوارع وأبنية وأشجار وحدائق فإنها كثيرة، أما التأثيرات العامة على نمو النباتات والأشجار فهي تأثيرات تحد من نمو المجاميع الخضرية لاسيما في المدة التي يعطي فيه النبات أثماره. لان كميات من الأتربة الناعمة تستقر على أوراق الأشجار وتختلط بالإفرازات النباتية مشكلة طبقة صعبة الإزالة معوقة عملية التركيب الضوئي لصنع الغذاء مما تسبب في تردي المحاصيل الزراعية وموت البعض منها .
فيما أوضح احد الباحثين في مركز بحوث الطاقة والبيئة في دراسة عن تأثير العواصف الترابية على معدلات الإشعاع الشمسي لمدينة بغداد بان العواصف الترابية التي مرت على مدينة بغداد تحديدا أدت وبشكل ملحوظ إلى نقصان كميات الإشعاع الشمسي الكلي الواصل إلى سطح الأرض عن معدلاته الطبيعية بما يقارب( الف واط م2 )كمعدل سنوي وان هذا المعدل ليس ثابتا وإنما مرتبطا بالفترة التي جمعت خلالها البيانات ولكن كمؤشر يمكن الأخذ به لوجود الظاهرة والتي من شأنها أن تسبب في إعادة الحسابات الخاصة بتطبيقات الطاقة الشمسية وتحديدا التطبيقات الخاصة بالخلايا الشمسية والتطبيقات الحرارية للسخان الشمسي التي تحتاج إلى معرفة شدة وكمية الأشعة الشمسية الساقطة على موقع التطبيق. عن أحد الخبراء الزراعيين فيقول : إن المزارعين يلجأون لطرح منتوجاتهم الزراعية بعد حدوث العواصف وهبوب الرياح الممزوجة بالأتربة إذ يجري القطف قبل النضوج وبكميات كبيرة لان معالجة موضوع الأتربة يتطلب غسل النباتات بالماء إلا إن كمية المياه غير كافية كما إن المستلزمات الخاصة بالرش غير متوفرة مما يضطر المزارعين لقطف الثمار وأثناء هذا العرض تنخفض الأسعار بشكل ملحوظ لدى المستهلكين فالأسعار السائدة في الأسواق حاليا لا تمثل الأسعار الحقيقية للمنتوجات الزراعية بسبب زيادة العرض وهذا يعرض الإنتاج الزراعي للنفاذ قبل الموعد الملائم . وعن ظاھرة الغبار والعواصف التراب?ة في العراق فأن معظم مناطق العراق تتعرض إلى ظاھرة الغبار وتبلغ ذروة ھذه الظاھرة في أواخر الرب?ع وأوائل الص?ف ح?ث ?تأثر البلد بعدد من المنخفضات الجو?ة التي تتحرك على ھذه المناطق تصاحبھا في العادة ر?اح نشطة خ?ل ھذه الفترة. وبصورة عامة تحدث ھذه الظاھرة عندما تكون الر?اح شمال?ة غرب?ة أو جنوب?ة غرب?ة ومن ا?فضل دراسة ظاھرة الغبار بإطارھا الشامل وھو التصحر والتعر?ة الر?ح?ة. أن أحد نتائج التصحر ھي تكون الكثبان الرمل?ة وشبھ الرمل?ة وظاھرة الغبار والعواصف و? ?مكن معالجة نتائج ھذه الظاھرة بكاملھا في العراق ولكن ?مكن الحد منھا بمكافحة التصحر وز?ادة مساحات المناطق الخضراء وإقامة ا?حزمة الخضراء حول المدن والقصبات وتثب?ت الكثبان الرمل?ة.
وقد خرجت الندوة بمجموعة من التوصيات منها ضرورة تعزيز النظام البيئي في العراق وإعطاءه الأهمية القصوى وتطبيق القوانين النافذة للحفاظ على بيئة صحية وآمنة لما لها من تأثير مباشر على صحة ومعيشة الإنسان العراقي وتشكيل فرق بحثية دولية مشتركة من الجهات ذات العلاقة بالبيئة والصحة والزراعة والمياه لايجاد الخطط الفعالة وتنفيذها واللازمة للحد أو لتقليل ظواهر الغبار والجفاف والتصحر لأنها مرتبطة ويكمل بعضها البعض والتي تؤدي بالنهاية إلى خلق بيئة آمنة وصحية للإنسان العراقي وضرورة العمل بالاتفاقية العربية والدولية لمكافحة التصحر لان هذه الاتفاقية من شانها أن تسهم في الحد من مشكلة التصحر في العراق وذلك من خلال إقامة المشاريع الضخمة على أراضيه والتي بدورها سوف تعود بالفوائد الاقتصادية الكبرى للبلد والاستفادة من الكوادر والخبرات الوطنية العراقية المهتمة في شؤؤن البيئة لتكوين أي نشاط علمي مستقل او ضمن إطار الوزارات المعنية وذلك للتصدي لمشكلة ظاهرة التصحر والغبار في العراق وكذلك تنفيذ المشاريع الاروائية الإستراتيجية ومشاريع الاستصلاح وحل مشكلة الملوحة وذلك لغرض زيادة المساحات الخضراء في العراق والذي بدوره الى زيادة الغطاء النباتي الذي يؤدي بدوره حتما الى تثبيت التربة وإيقاف زحف الكثبان الرملية المتحركة في المناطق ذات الأراضي الصحراوية الهشة وتطبيق القوانين الصارمة بإيقاف القطع الجائر للأشجار والشجيرات وتشجيع زراعة الحبوب في المناطق الصحراوية وحسب توفر الحدود الدنيا المقبولة من الأمطار الساقطة عليها وتنفيذ مشاريع الأحزمة الخضراء حول المدن العراقية والتي بدورها تقليل او الحد من ظاهرة الغبار والقيام بالحملات الوطنية الجماعية لإعادة إنشاء الغابات وتشجيع المواطن العراقي على زيادة الغطاء النباتي وتثقيف المواطن وزيادة وعيه البيئي من خلال إعلام الوزارات المعنية بالمحافظة على البيئة العراقية و تثبيت تربة منطقة الجزيرة الغربية من العراق من خلال زيادة الغطاء النباتي فيها و تنمية الموارد المائية العراقية و تشجيع الاعتماد على المياه الجوفية كمصدر بديل آخر للمياه السطحية للمساهمة في زيادة المساحات الخضراء وأخيرا التفاوض مع دول الجوار واستمرار متابعة تنفيذ الاتفاقيات والتي تضمن الحصص المائية المقبولة للعراق فضلا عن أقرار القوانين والتشريعات البيئية اللازمة والتي تمنع تحويل الأراضي الزراعية الى اراضي سكنية و الأستمرار بزراعة تلك الأراضي الزراعية وذلك لغرض المساهمة في تثبيت التربة والتي تؤدي بدورها الى التقليل من العواصف الترابية.
بقلم /عادل الفتلاوي

اعلام جامعة بابل  اعلام جامعة بابل  اعلام جامعة بابل  

تاكات المحتوى: خلال ندوة علمية بجامعة بابل اساتذة الهندسة البيئية يبحثون ظواهر وآثار العواصف الترابية في العراق
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: h@uobabylon.edu.iq

جميع الحقوق محفوظة - شعبة موقع الجامعة © جامعة بابل