برعاية رئيس جامعة بابل الأستاذ الدكتور نبيل هاشم الاعرجي عقدت كلية الإدارة والاقتصاد الندوة العلمية الموسومة (التفكير الاستراتيجي منهج معاصر لقادة المؤسسات العامة) بحضور رئيس الجامعة وعميد الكلية الأستاذ الدكتور مجبل رفيق مرجان وأساتذة وطلبة الكلية وذلك في صباح يوم الخميس الموافق 20 /12 / 2012 قاعة السيد الشهيد الصدر(قدس) في الجامعة. وهدفت الندوة العلمية إلى نشر ثقافة التفكير الاستراتيجي في المؤسسات والتي تتطلب نشر وإعداد برامج تدريبية شاملة ابتداءً من القادة تتضمن ندوات علمية وحلقات نقاش وورش عمل والتعليم والتدريب المستمر وكذلك تهدف إلى تحرير العقل البشري من حواجز التفكير التقليدي وقيوده والحلول الجاهزة فضلا عن احترام المدير أو الموظف أو العامل كإنسان له قيمة عليا في المجتمع بغض النظر عن تحصيله العلمي وموقعه الوظيفي في المؤسسة .وألقى الأستاذ الدكتور حسين محمد جواد الجبوري محاضرة علمية بهذا الخصوص تضمنت أولا: ماذا نعني بالتفكير والإستراتيجية وبدء حديثه قائلا : إن معنى التفكير هو سلسلة من النشاطات العقلية المعرفية غير المرئية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله عن طريق حاسة واحدة أو أكثر من الحواس الخمس , وهناك نوعان من التفكير: احدهما يسمى بالتفكير العادي ويمكن تسميته بالتفكير التقليدي أو غير الفعال ويمارسه غالبية الناس في حياتهم الاعتيادية اليومية ولا يحتاج إلى جهد عقلي كبير بل يستند إلى تفكير بسيط متمثل بالفهم والانتباه والتذكر.
أما النوع الثاني فيسمى بالتفكير المركب أو الموجه ويمكن تسميته بالتفكير الفعال ويتطلب قدرات عقلية عالية وخبرات معرفية متميزة ممثلة بالتفكير الإبداعي والتفكير الناقد والتفكير الاستراتيجي ويعتمد على مهارة توليد أفكار جديدة ومهارات التحليل والاستنتاج والتطبيق و التقييم .أما معنى الإستراتيجية فهي مفهوم قديم استخدمت في الميدان العسكري ويقصد بها علم وفن استخدام القوة العسكرية في ارض المعركة للتغلب على الأعداء لضمان تحقيق النصر . وبعدها استخدمت في المجال السياسي ثم انتقلت إلى منظمات الإعمال والمؤسسات العامة في بداية الستينات من القرن الماضي .ونعني بها خطط المؤسسة لضمان تحقيق درجة الانسجام بين رسالة المؤسسة وأهدافها وبين الرسالة والبيئة ، مع الأخذ بنظر الاعتبار الفرص والمخاطر والتهديدات للبيئة الخارجية المحيطة بالمؤسسة والإمكانات المتاحة للمؤسسة من الموارد البشرية والمادية والمالية والتقنية ويمكن تعريف الإستراتيجية بأنها أسلوب في التفكير والعمل لأنها تقوم باختيار الوسيلة الفعالة والملائمة للتعامل مع المواقف والأحداث. أو يمكن اعتبارها خطة أو تصور أو وجهه نظر مستقبلية.
تعريف التفكير الاستراتيجي وأهميته
وأضاف المحاضر : إن التفكير الاستراتيجي يمثل نشاط فكري منظم وأسلوب علمي معاصر لبناء تصوَر المستقبل المأمول و إيجاد فضاء جديد للحرية ومناخ ديمقراطي سليم تبرز فيه الرؤى الجديدة والمهارات المتميزة من خلال العمل الجاد لتدريب القيادات في الإدارات العليا والوسطى والمباشرة للمؤسسة والكوادر الوظيفية من خلال برامج تدريبية تطويرية مكثفة, الهدف منها إقناعهم بجدوى التفكير الاستراتيجي وترسيخ الإيمان بأهميته واحترام العقل ودوره في الإبداع مروراً بوضع تصورات علمية لذوي التفكير الاستراتيجي وتقديم نماذج تطبيقية عن كيفية استشراف المستقبل ومعرفة مواصفات المفكر الاستراتيجي في المؤسسة و انتهاء بالقدرة على اختيار أصحاب العقول المبدعة القادرة للارتقاء بإدارة المؤسسات نحو الريادة والتميز.فقد عرف احد الباحثين إن التفكير الاستراتيجي يعد مسار فكري وعقلي محدد أو قناة فكرية تبث وتستقبل صوراً وأفكاراً تتناسب مع الهدف المنشود ،تعمل على فلتره المعلومات الواردة إلى الذهن وتنقيتها من الشوائب وان التفكير الاستراتيجي يسبق أي عمل قيادي بما فيه التخطيط الاستراتيجي أو الإدارة ألاستراتيجيه أو صياغة ألاستراتيجيه ولا بد للقيادات في المستويات الإدارية العليا والمستويات الإدارية الأدنى من ممارسته واعتماده منهجاً علمياً لقيادة المؤسسات لأهميته وايجابياته التي منها بلورة الإطار الفكري للنظر إلى المؤسسة في محيطها الكلي والتفاعل الدائم مع بيئتها والتأكيد على أهمية استشراف المستقبل وتحديد اتجاهاته بدلاً من الانشغال بالحاضر ومشاكله التي هي امتداد للماضي وتوحيد الجهود وتعبئه الطاقات البشرية العاملة في المؤسسة وحسن استثمارها وحثها على الإبداع والابتكار وتقوية الولاء والانتماء للمؤسسة والرضا الوظيفي بين العاملين وإشاعة ثقافة الحوار والمشاركة والتفاؤل والشفافية بين العاملين في مناخ ديمقراطي سليم وتعميق المسؤولية التضامنية والمشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات فضلا عن تحقيق التكيف والتفاعل الايجابي مع البيئة المحيطة من خلال توظيف الإمكانيات و القدرات واستثمار الموارد المتاحة في بيئة المؤسسة الداخلية .
القائد ومنهج التفكير الاستراتيجي
وتابع الباحث حديثه بالقول:يمر العالم الجديد في الألفية الثالثة بفترة تحولات نوعية كبيرة في مجالات العلم والمعرفة والاتصالات والحاسب الآلي والانترنيت والتغير السريع في معطيات التكنولوجيا وفي سوق العمل والاقتصاد الخ ..والتي تمثل تحديات كبيرة لكافة المؤسسات في عالمنا العربي المعاصر، الأمر الذي يتطلب إلى تغير جذري في مجالات العمل وأساليبه وكذلك في الأنماط والمعايير التي تحكم عمل المؤسسات ، وفي ظل هذه الظروف المتغيرة والتحديات التي تواجهها لابد من الابتعاد عن أساليب العمل النمطية وبيروقراطية الإدارة وتفكيرها التقليدي حيث أصبحت غير ملائمة لتحديات المستقبل ، ولابد من إيجاد أساليب معاصرة جديدة تعمل وفق إطار التفكير الاستراتيجي لأنه أصبح يشكل جوهر الإدارة الإستراتيجية من خلال اعتماده التجديد والإبداع وتقديم أفكار ونتاجات جديدة ومقترحات بناءه ورؤية ناقدة للأفكار ،وينطلق من الكليات في تحليله للمواقف الأمر الذي يتطلب من القيادات العليا في المؤسسات بتخصيص جزء كبير من وقتهم في التأمل والتفكير في الأوضاع المستقبلية للمؤسسة بدلاً من الاكتفاء بإدارة المؤسسة من خلال تمشية الأعمال الروتينية اليومية التي تأخذ معظم وقتهم.وإن التفكير الاستراتيجي هو منهج معاصر يستلزم من القادة توفر المهارة و القدرة على فهم وتحديد الإمكانات والموارد المتاحة في البيئة الداخلية والمتغيرات المحيطة في البيئة الخارجية للمؤسسة وتحديدها ودراستها وتحليلها لتحديد نقاط القوة والضعف داخلياً والفرص والتهديدات الخارجية المحيطة بالمؤسسة ومن ثم صياغة البدائل الإستراتيجية واختيار البديل الأفضل لتحقيق الأهداف الإستراتيجية . إن القائد من خلال مسئولياته المتشعبة ومهامه المتنوعة ودوره القيادي في إدارة المؤسسة وكذلك مستجدات التحول النوعي وتحديات البيئة المعاصرة لابد أن يفكر استراتيجياً, وفي حالة افتقاده لمنهج التفكير الاستراتيجي عندئذ لا يكون أكثر من كونه قائداً تقليدياً يقود إلى تخلف المؤسسة ويكون مسؤولاً عن فشلها في التطور لأنه غالباً ما يعمل وفق آلية يغلب عليها الطابع الإجرائي الروتيني الذي يأخذ معظم وقته مع برنامج نمطي منغلق , في حين إن القائد الاستراتيجي يعمل على وفق منهج التفكير الاستراتيجي والإدراك والتصور الاستراتيجي ويتأمل ويستخدم الحدس والخيال والإبداع ويتمتع بعقلية منفتحة ورؤية إستراتيجية واضحة . واستعرض المحاضر بطريقة مبسطة وباختصار الفروق بين القائد التقليدي والقائد الاستراتيجي والتي أوضحها بان مهام القائد التقليدي تنحصر في تنفيذ التعليمات وتطبيق الأنظمة والقوانين حرفياً وتطبيق الخطط كما وردت دون تعديل وتنفيذ المهام ومتابعتها توقيع المعاملات الورقية التي تأخذ معظم وقته الرسمي والانغلاق على محيط المؤسسة وخاصةً مع (البيئة الخارجية) أما مهام القائد الاستراتيجي فأنها تتمثل في صياغة الرؤية والرسالة والأهداف الإستراتيجية وصياغة الإستراتيجية الجديدة بحيث تنسجم مع طبيعة عمل المؤسسة وتطلعاتها المستقبلية نحو النمو و التميز وإدراك الحاجة إلى التغيير والتطوير من خلال خطة إستراتيجية واضحة و متكاملة وقابلة للتطبيق واختيار نموذج الخطة الإستراتيجية ومسارها المستقبلي والانفتاح على البيئة الخارجية للمؤسسة.
مهارات القادة ذوي التفكير الاستراتيجي
أكد المحاضر الأستاذ الدكتور حسين محمد جواد الجبوري في ختام محاضرته ان القائد ينبغي أن يكون استراتيجياً في قيادة المؤسسة ولابد أن يتصف بصفات شخصية منها الثقة بالنفس والثقافة والتخيل والطموح والمسؤولية ولا بد له ان يتمتع بمهارات تحديد الموارد والإمكانات المتاحة والقدرة على استثمارها واستخدامها بكفاءة في البيئة الداخلية للمؤسسة ومهارة تحديد الفرص والتهديدات والقيود في البيئة الخارجية المحيطة بالمؤسسة ومهارة دراسة و تحليل البيانات والمعلومات وتفسيرها بدقة ومهارة صياغة الأهداف الإستراتيجية ليشتق منها الأهداف الفرعية ومهارة الاختيار الاستراتيجي من بين البدائل الإستراتيجية المتاحة ومهارة اتخاذ القرارات الإستراتيجية .مضيفا ان هناك مهارات أخرى ينبغي على القائد ممارستها في مجال التفكير الاستراتيجي ومن ابرز هذه المهارات مهارة المعرفة و التركيز ومهارة جمع المعلومات ومهارة توليد الأفكار ومهارة التذكر ومهارة التحليل ومهارة التكامل ومهارة التقييم هذا وقد حفلت محاور الندوة بالعديد من مداخلات الحضور أسهمت بشكل فعال في اغناء محاورها التي أسهب المحاضر في استعراضها ومناقشتها .
متابعة /عادل الفتلاوي
تاكات المحتوى: كلية الإدارة والاقتصاد في بابل تعقد ندوة علمية حول المنهج المعاصر للتفكير الاستراتيجي لقادة المؤسسات
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: h@uobabylon.edu.iq